تمهيد
منذ ظهور الجيل الأول من الحاسوب في الأربعينات ، تطورت المعلوميات بوتيرة مضطردة و اكتسحت تدريجيا معظم الميادين الفاعلة في المجتمع .
وبعد ذلك ، ساهم حلول وحدة المعالجة المصغرة Microprocesseur ، في بداية السبعينات ، من جهته تسارع أكثر لتنامي المعلوميات ، التي منذ ذلك الحين ، ما فتئت تتسرب ، إلى حياتنا اليومية بحيث أصبحت حقيقة ، يصعب أحيانا تقبلها ، بعد أن كانت تكتسي طابع الأسطورة .
من جهته ، لم يكن تطور التطبيقلات البيداغوجية للحاسوب A.P.O دائما مسايرا للتطور المذهل للمعلوميات . فالإستعمالات الأولى للحاسوب لأغراض تربوية طرأت في أواسط الستينيات بيد أن اليطبيقات البيداغوجية للحاسوب ، كفرع تربوي ، لم تطرأ بشكل فعلي إلا بعد ظهور المعلوميات المصغرة micro-informatique سنة 1975 .
وبموازاة مع هذه الثورة التكنولوجية ، كان من نتائج البحث في ميداني علم النفس و البيداغوجيا أن تبلور تجديد في الميدان البيداغوجي ، تمخضت عنه نظريات ومفاهيم جديدة حول التعليم و التعلم ، كان من شأنها أن تحالفت مع نمو تكنولوجيات التواصل ممهدة لتطور إطار تربوي خاص بوسائل التدريس . يتعلق الأمر بالتكنولوجيا التربوية La technologie éducative التي تستشف كمقاربة ، الفائدة من التطورات المهمة لكل من علم النفس ، علوم التواصل و علوم التربية ، كما تشكل الإطار المرجعي للتطبيقات البيداغوجية للحاسوب .
بدايات الحاسوب في مؤسسات التدريس :
التدريس المبرمج
يعتبر التدريس المبرمج ، كحركة قائمة بذاتها ، حديث و للتدقيق ، نستطيع القول أنه ولد إثر مقالة لسكينر Sknner تحت عنوان "علم التعلم وفن التدريس" ( 1954 ) رغم أن سيدني بريسي Sidney Pressey يعتبر بحق أول من وضع قواعده سنة 1926 .
ويمكن تقديم التدريس المبرمج بمثابة تطبيق عملي لمجموعة ضوابط متعلقة بالتعلم ، مرتكزة أساسا على ما عرف لدى السلوكيين الاشراط الإجرائي Le conditionnement oprérant ولق لخصها سكينر في ما يلي :
" يجب أن يكون كل مسار ، لاكتساب مهارة في ميدان ما ، مجزءا إلى عدد جد كبير من الخطى الصغيرة ، كما يجب أن يكون الدعم ناجما عن إنجاز كل خطوة ... بجعل كل خطوة أصغر ما أمكن ذلك ، نرفع من وثيرة الدعم إلى درجة قصوى في حين ، نقلص ، أقصى ما يمكن ، من النتائج العكسية المحتملة في حال ارتكاب الخطأ ."
وفي ما يلي جرد للقواعد المنظمة للتدريس المبرمج :
1 ـ يجب تحديد برنامج التدريس مسبقا .
2 ـ يجب أن تقدم العروض بوضوح .
3 ـ يجب عرض مقاطع التدريس بصفة منطقية في وحدات صغيرة .
4 ـ يجب أن تكون الأجوبة بشكل نشيط .
5 ـ يجب أن يكون رد الفعل Retroaction فوريا .
6 ـ يجب أن يحترم التدريس المبرمج الإيقاع الشخصي للمتعلم .
7 ـ يجب أن تقيم باستمرار أداءات Performances النتعلم .
وبهذا يكون التدريس المبرمج طريقة بيداغوجية تمكن من فردنة Individualisation التعلم وتلقين المعارف دون التدخل المباشر للمدرس . يتميز هذا التدريس بنمط خاص في تقديم المادة ، بالتماشي مع إيقاع عمل كل فرد ، بالمشاركة النشيطة و المدعمة للمتعلم و أخيرا بالتقييم الفوري لعمله .
وكان لهذه الطريقة ، التي نتجت عن تطور تاريخي مدين للعديد من الأسماء المرموقة في علم النفس ، أن أفرزت نظرة جديدة لتدبير العملية البيداغوجية باقتراح استعمال آلات التدريس .
آلة التدريس
قد يصعب ، بالضبط ، تحديد متى استعملت لأول مرة آلة التدريس في ميدان التربية ، إلا أن المؤكد هو كون أصلها جد مرتبط بأصل التدريس المبرمج . فمنذ حوالي 65 سنة ، و بالضبط سنة 1926 ، عرض بيرسي Pressey آلة بسيطة ذات وظيفة أساسية تتمثل في إجراء الروائز ووظيفة ثانوية للقيام بالتدريس . يتعلق الأمر بطبل مكتوبة عليه سلسلة أسئلة ، ذات أجوبة مقترحة ، ومعروضة من خلال نافذة صغيرة بالآلة . وحسب الوضع المعطى ، من طرف المستعمل ، لأحد المفاتيح تقوم الألة بإحدى وظيفتيها . و للإجابة عن الأسئلة ، يقوم التلميذ باستعمال أحد المفاتيح الأخرى ، الأربعة ، النخصصة لهذا الغرض .
في وضع إجراء الروائز تكتفي الآلة بتسجيل الأجوبة الصحيحة وبعد كل محاولة تعرض السؤال الموالي ، في وضع التدريس ، يظل السؤال معروضا بنافذة الآلة طالما لم تحصل الإجابة الصحيحة .
تعد آلة بيرسي Pressey في نفس مستوى الخمسينات و الستينات ، بحيث نجد مبادئها معتمدة في آلتي سكينر Skinner و كراودر Crowder و الآلات المزامنة لهما . و إن كان هناك اختلاف بين كل هذه الآلات فهو منحصر في طبيعة تكوينها من جهة ، كأن تستعمل الطبل ، الورق الملفوف أو الأسطوانة ، أو في نوع آخر المسار الذي تعتمده ، من جهة ، في تقديم الدرس فقد يكون خطيا Linéaire أو متشعبا Ramifié .
التدريس المساعد بالحاسوب L'enseignement assisté par ordinateur
يعد الحاسوب كحلقة مهمة في تطور التدريس المبرمج . و إذا كانت آلات بسيطة كآلات بيرسي و سكينز تستطيع التدريس ، فإنه يجب أن يكون بمقدور الحاسوب التأقلم مع الخصائص الفردية للمتعلم و ذلك باستعماله لوظائف التشعب Branchement كما هو الحال في آلة كراودر Crowder .
كانت شركة إبم IBM سنة 1958 ، أول من برهن عن إمكانية استعمال الحاسوب كآلة للتدريس . و لم في الحقيقة ، هذه التجربة تستعمل الحاسوب كآلة للتدريس بقدر ما كانت تستعمله كوسيلة لمحاكاته Simulation ، و ذلك لأن باحثي IBM كانوا يعتبرون فكرة تمكين التلاميذ من الاتصال المباشر بالحاسوب ، مجازفة و أمرا مستبعدا على المستوى الاقتصادي .
و لم يمنع هذا شركات أخرى من استمرار البحث لاختبار مدى إمكانية إدماج الحاسوب في عملية التدريس . و في نفس الفترة ابتدأت البحوث الجامعية في نفس المضمار ، لكن بإمكانيات مادية أقل من الشركات .
و لعل أول مجهود ، جدير بالذكر ، لوضع نسق (( للتدريس المعان بالحاسوب )) كان هو برنامج Programmed Logic for Automatic Teaching Operation المعروف ب PLATO و الذي ظهر سنة 1958 بجامعة إيلينوى Illinoi . وكانت أهدافه تتمحور حول تحديد على المستويين الاقتصادي و البيداغوجي . و أمكنت هذه التجربة من استنباط الخلاصات التالية :
يهم التدريس المعان بالحاسوب التلاميذ من مختلف الأعمار و المستويات .
يسير هذا النوع من التدريس في اتجاه التفريد Individualisation في عديد من المواد .
وبعد هذه التجربة ظهرت مشاريع أخرى ، إلا أنه و حتى ظهور الحواسيب المصغرة ظل (( التدريس المعان بالحاسوب )) معروفا باستعمال الحاسوب لتقديم الدروس ثم لتقييم أجوبة التلاميذ و تسجيل تحصيلاتهم . و بهذا يكون قد ظل لصيق بمبادىء التدريس المبرمج .
منذ ظهور الجيل الأول من الحاسوب في الأربعينات ، تطورت المعلوميات بوتيرة مضطردة و اكتسحت تدريجيا معظم الميادين الفاعلة في المجتمع .
وبعد ذلك ، ساهم حلول وحدة المعالجة المصغرة Microprocesseur ، في بداية السبعينات ، من جهته تسارع أكثر لتنامي المعلوميات ، التي منذ ذلك الحين ، ما فتئت تتسرب ، إلى حياتنا اليومية بحيث أصبحت حقيقة ، يصعب أحيانا تقبلها ، بعد أن كانت تكتسي طابع الأسطورة .
من جهته ، لم يكن تطور التطبيقلات البيداغوجية للحاسوب A.P.O دائما مسايرا للتطور المذهل للمعلوميات . فالإستعمالات الأولى للحاسوب لأغراض تربوية طرأت في أواسط الستينيات بيد أن اليطبيقات البيداغوجية للحاسوب ، كفرع تربوي ، لم تطرأ بشكل فعلي إلا بعد ظهور المعلوميات المصغرة micro-informatique سنة 1975 .
وبموازاة مع هذه الثورة التكنولوجية ، كان من نتائج البحث في ميداني علم النفس و البيداغوجيا أن تبلور تجديد في الميدان البيداغوجي ، تمخضت عنه نظريات ومفاهيم جديدة حول التعليم و التعلم ، كان من شأنها أن تحالفت مع نمو تكنولوجيات التواصل ممهدة لتطور إطار تربوي خاص بوسائل التدريس . يتعلق الأمر بالتكنولوجيا التربوية La technologie éducative التي تستشف كمقاربة ، الفائدة من التطورات المهمة لكل من علم النفس ، علوم التواصل و علوم التربية ، كما تشكل الإطار المرجعي للتطبيقات البيداغوجية للحاسوب .
بدايات الحاسوب في مؤسسات التدريس :
التدريس المبرمج
يعتبر التدريس المبرمج ، كحركة قائمة بذاتها ، حديث و للتدقيق ، نستطيع القول أنه ولد إثر مقالة لسكينر Sknner تحت عنوان "علم التعلم وفن التدريس" ( 1954 ) رغم أن سيدني بريسي Sidney Pressey يعتبر بحق أول من وضع قواعده سنة 1926 .
ويمكن تقديم التدريس المبرمج بمثابة تطبيق عملي لمجموعة ضوابط متعلقة بالتعلم ، مرتكزة أساسا على ما عرف لدى السلوكيين الاشراط الإجرائي Le conditionnement oprérant ولق لخصها سكينر في ما يلي :
" يجب أن يكون كل مسار ، لاكتساب مهارة في ميدان ما ، مجزءا إلى عدد جد كبير من الخطى الصغيرة ، كما يجب أن يكون الدعم ناجما عن إنجاز كل خطوة ... بجعل كل خطوة أصغر ما أمكن ذلك ، نرفع من وثيرة الدعم إلى درجة قصوى في حين ، نقلص ، أقصى ما يمكن ، من النتائج العكسية المحتملة في حال ارتكاب الخطأ ."
وفي ما يلي جرد للقواعد المنظمة للتدريس المبرمج :
1 ـ يجب تحديد برنامج التدريس مسبقا .
2 ـ يجب أن تقدم العروض بوضوح .
3 ـ يجب عرض مقاطع التدريس بصفة منطقية في وحدات صغيرة .
4 ـ يجب أن تكون الأجوبة بشكل نشيط .
5 ـ يجب أن يكون رد الفعل Retroaction فوريا .
6 ـ يجب أن يحترم التدريس المبرمج الإيقاع الشخصي للمتعلم .
7 ـ يجب أن تقيم باستمرار أداءات Performances النتعلم .
وبهذا يكون التدريس المبرمج طريقة بيداغوجية تمكن من فردنة Individualisation التعلم وتلقين المعارف دون التدخل المباشر للمدرس . يتميز هذا التدريس بنمط خاص في تقديم المادة ، بالتماشي مع إيقاع عمل كل فرد ، بالمشاركة النشيطة و المدعمة للمتعلم و أخيرا بالتقييم الفوري لعمله .
وكان لهذه الطريقة ، التي نتجت عن تطور تاريخي مدين للعديد من الأسماء المرموقة في علم النفس ، أن أفرزت نظرة جديدة لتدبير العملية البيداغوجية باقتراح استعمال آلات التدريس .
آلة التدريس
قد يصعب ، بالضبط ، تحديد متى استعملت لأول مرة آلة التدريس في ميدان التربية ، إلا أن المؤكد هو كون أصلها جد مرتبط بأصل التدريس المبرمج . فمنذ حوالي 65 سنة ، و بالضبط سنة 1926 ، عرض بيرسي Pressey آلة بسيطة ذات وظيفة أساسية تتمثل في إجراء الروائز ووظيفة ثانوية للقيام بالتدريس . يتعلق الأمر بطبل مكتوبة عليه سلسلة أسئلة ، ذات أجوبة مقترحة ، ومعروضة من خلال نافذة صغيرة بالآلة . وحسب الوضع المعطى ، من طرف المستعمل ، لأحد المفاتيح تقوم الألة بإحدى وظيفتيها . و للإجابة عن الأسئلة ، يقوم التلميذ باستعمال أحد المفاتيح الأخرى ، الأربعة ، النخصصة لهذا الغرض .
في وضع إجراء الروائز تكتفي الآلة بتسجيل الأجوبة الصحيحة وبعد كل محاولة تعرض السؤال الموالي ، في وضع التدريس ، يظل السؤال معروضا بنافذة الآلة طالما لم تحصل الإجابة الصحيحة .
تعد آلة بيرسي Pressey في نفس مستوى الخمسينات و الستينات ، بحيث نجد مبادئها معتمدة في آلتي سكينر Skinner و كراودر Crowder و الآلات المزامنة لهما . و إن كان هناك اختلاف بين كل هذه الآلات فهو منحصر في طبيعة تكوينها من جهة ، كأن تستعمل الطبل ، الورق الملفوف أو الأسطوانة ، أو في نوع آخر المسار الذي تعتمده ، من جهة ، في تقديم الدرس فقد يكون خطيا Linéaire أو متشعبا Ramifié .
التدريس المساعد بالحاسوب L'enseignement assisté par ordinateur
يعد الحاسوب كحلقة مهمة في تطور التدريس المبرمج . و إذا كانت آلات بسيطة كآلات بيرسي و سكينز تستطيع التدريس ، فإنه يجب أن يكون بمقدور الحاسوب التأقلم مع الخصائص الفردية للمتعلم و ذلك باستعماله لوظائف التشعب Branchement كما هو الحال في آلة كراودر Crowder .
كانت شركة إبم IBM سنة 1958 ، أول من برهن عن إمكانية استعمال الحاسوب كآلة للتدريس . و لم في الحقيقة ، هذه التجربة تستعمل الحاسوب كآلة للتدريس بقدر ما كانت تستعمله كوسيلة لمحاكاته Simulation ، و ذلك لأن باحثي IBM كانوا يعتبرون فكرة تمكين التلاميذ من الاتصال المباشر بالحاسوب ، مجازفة و أمرا مستبعدا على المستوى الاقتصادي .
و لم يمنع هذا شركات أخرى من استمرار البحث لاختبار مدى إمكانية إدماج الحاسوب في عملية التدريس . و في نفس الفترة ابتدأت البحوث الجامعية في نفس المضمار ، لكن بإمكانيات مادية أقل من الشركات .
و لعل أول مجهود ، جدير بالذكر ، لوضع نسق (( للتدريس المعان بالحاسوب )) كان هو برنامج Programmed Logic for Automatic Teaching Operation المعروف ب PLATO و الذي ظهر سنة 1958 بجامعة إيلينوى Illinoi . وكانت أهدافه تتمحور حول تحديد على المستويين الاقتصادي و البيداغوجي . و أمكنت هذه التجربة من استنباط الخلاصات التالية :
يهم التدريس المعان بالحاسوب التلاميذ من مختلف الأعمار و المستويات .
يسير هذا النوع من التدريس في اتجاه التفريد Individualisation في عديد من المواد .
وبعد هذه التجربة ظهرت مشاريع أخرى ، إلا أنه و حتى ظهور الحواسيب المصغرة ظل (( التدريس المعان بالحاسوب )) معروفا باستعمال الحاسوب لتقديم الدروس ثم لتقييم أجوبة التلاميذ و تسجيل تحصيلاتهم . و بهذا يكون قد ظل لصيق بمبادىء التدريس المبرمج .